في بداية حملته الانتخابية للفوز بالرئاسة الأمريكية، كتب باراك أوباما مقالا في مجلة الشئون الخارجية المعروفة (فورين أفيرز)، دعا فيه إلي ضرورة امتلاك الولايات المتحدة لرؤية قيادية جديدة في القرن الحادي والعشرين. وحدد أوباما مصادر التهديد الذي تتعرض له بلاده في عدد من القضايا، أهمها أسلحة الدمار الشامل، والإرهاب الدولي، والدول التي وصفها سلفه بوش بالمارقة، والقوي الصاعدة التي يمكن أن تتحدي كلا من الولايات المتحدة والديمقراطية الليبرالية، وظاهرة الاحتباس الحراري وما قد تؤدي إليه من كوارث وأمراض.
إلا أنه لم يوضح ملامح تلك الرؤية القيادية الجديدة، واكتفي بوصفها بأنها تجمع بين الاستناد إلي خبرة الماضي، والتخلي عن منطق التفكير الذي عفي عليه الزمن، وتقوم علي أساس وحدة الأمن والإنسانية في العالم(1). وربما كان هذا الغموض مقصودا لحشد أكبر عدد ممكن من الأنصار لذلك المرشح الواعد آنذاك. أما وقد أصبح باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة، فقد بات لزاما عليه أن يحدد وجهة سياسة بلاده الخارجية وفق رؤية متماسكة.
وقد أثارت السياسة الخارجية التي انتهجتها إدارة أوباما، خلال الأشهر الستة الأولي، جدلا حول مدي واقعيتها أو مثاليتها، و مدي تمايزها عن سياسة الإدارة السابقة بقيادة جورج دبليو بوش. بيد أن الواقعية في السياسة الخارجية تظل إحدي السمات التي تحاول الإدارة الجديدة إظهار تميزها فيها عن الإدارة القديمة التي وجهت سياستها الخارجية نحو تحقيق أهداف مثالية، لاسيما نشر الديمقراطية في العالم أو - علي الأقل - التصريح بذلك علنا...(ملخص)